الجزائر معدن الخسائر
تطوان : مصطفى منيغ
نزلت لأدنى مستوى وكان بإمكانها أن تتسلق
لأعلى درجة ، فغدت مجمع فشل بتؤدة ٍ يتسلل لمواقف جد محرجة ، متداولة عبر المحافل
الدولية كظاهرة رائجة ، عن دولة غنية صوب الفقر متدحرجة ، عن قاعدة التطور بنقيضها
خارجة .
ما استقرَّت على حال كل زاحف صوبها صال
داخلها وجال فكانت الأعراق لخليط من الأصول مازجة، ومتى دقق الباحث وجدها مع أي سيطرة
خارجية بيسر مندمجة ، فقد عرفت على مراحل تناوب الحكم عليها أصول بشرية سعت لإخضاع الجزائر لتوسُّعها مهما بعُدت
نواتها ، ومنها اختصاراً : النوميديين .. والفينيقيين .. والبونيقيين .. و الرومان
.. والوندال .. والبيزنطيين .. والأمويين .. والعباسيين .. والأدارسة .. والأغالبة
.. والرستميين .. والفاطميين .. والزيريين .. والحماديين .. والمرابطين .. والموحدين .. والحفصيين .. والزانيين والعثمانيين ، طبعاً تمركزت بين
أوساطها المتأثرة بأكثر من حضارة وأسلوب حياة وعقليات متباينة مَن جعلت منها دولة بمساحة معينة في الظهور
الواضح ككيان مستقل متدرجة ، لكن فرنسا بحلول القرن التاسع عشر حرمتها الحرية
وأرخت استعمارها لتكبِّلها من جديد لا تفرق في الإهانةة بين أحمد أو خديجة ،
الجميع لديها درجة ثانية متربعة فوقهم عن قوة مُهرِّجَة، فأنست معظمهم (مع تقدم
الزمن) حتى النطق باللغة المحلية الدارجة ، وحوَّلت نهارهم ليلاً بهيماً حتى صارت
المرأة دجاجة ، وأغنى رجل يملك فقط دراجة ، من وضعية أوجدتها فرنسا لتكريس التبعية
المطلقة لنفوذها جعلت من الجزائر فرنسية الانتساب دون سواها من الدول الإفريقية
المستعمرة بدورها من فرنسا ذاتها ، بالتأكيد هناك سبب ليس جله معتمداً على الثروة
النفطية والمعدنية الأخرى مَن أعطَى الجزائر هذه الميزة لتصبح أحدى مقاطعات فرنسا
الكبرى ، إذ هناك مِن الجزائريين من شجعوا فرنسا على التفكير في ذلك والعمل على
ضبطه إداريا حسب القوانين الفرنسية ، لانسجامهم مع ثقافة ألبَسَتْهُم بذلة أوربية
ومكنتهم من الاقتران بشقراوات زُرْقِ الجفون والعمل في إدارة أدلال بني جلدتهم
بأجرة مهما بلغت قيمتها لا تعوض شرف وكرامة المتوصل بها . ولولا شرارة الوطنية
المشتعلة قي صدور قِلَّة من النساء والرجال ، ترعرعوا وسط جو القهر والتنكيل
والظلم والاعتداء المجاني على الحرمات ، من طرف جند فرنسا و توابعهم الخونة ،
لضاعت الجزائر وانسلخت عن كل مقومات دولة لها الحق في الوجود ، تلك القلة استطاعت
أن تزرع في نفوس الملايين عبر سنين ، حب المقاومة والجهاد ، المتبوع بتحقيق المراد
أو الاستشهاد ، وجدوا في المغاربة الأحرار أقوى سند ، مما عرَّضهم سبيل ذلك لأقصى
اضطهاد ، وكانت مدينة وجدة المغربية أعز
ملاذ ، احتضنت المقاومة الجزائرية بما لها وما عليها ، في ملحمة مهما حاولت
الجزائر الرسمية نكرانها لن تستطيع ، فهي ساكنة في وجدان الجزائريين العارفين
بالحقائق ، المهم نالت الجزائر استقلالها ، ومنذ تلك الآونة إلى الآن لم تحقِّق أي
شيء ، يعطى للجزائريين حفهم ، فيما قدموه من دمهم الطاهر المسكوب طيلة سنوات
الرصاص ، ومن لحومهم المقطَّعة داخل معتقلات الاستعمار البغيض ، ومن أرواحهم وما
أكثرها قد تصل إلي سبعة ملايين شهيد ، فماذا كان جزاؤهم ، حفنة من العسكر تجثم على
حاضرهم طامعة استمرار نفس الوضع في مستقبلهم ، لينعموا ما شاؤوا من خيرات البلاد
على هواهم ، وليشرب باقي الشعب من البحر ، لذا في الجزائر حاليا الكل خاسر والكل
يتحدث عن هول الخسائر .
...كيف يعقل أن تكون الجمهورية الجزائرية
الديمقراطية الشعبية خالية من جناحي اسمها الرسمي ، تطير بعير طاقة
"الديمقراطية" ولا توازن "الشعبية" ، طيراناً عشوائياً بغير
بوصلة تعين على معرفة الاتجاه ، ولا ضبط علُوٍّ مواتي للطيران ، ولا وسائل للنزول
على أرضية مهيأة ، بما يجب من تجهيزات تسهل العملية دون اصطدام فتحطُّم أكيد ؟؟؟ ،
كيف السبيل للتحكُّم بفريق عسكري لا يهمُّه سوي محيط يمتص فيه ما بخدم به مصالح
نفسه بما كدَّسه بالعملات الصعب في بنوك سويسرا وفرنسا ومصارف أخرى ، تاركاً مساحة
2.381.740 كيلومتر مربع ، مما يجعلها دولة تحتل المرتبة العاشرة في العالم ،
والأولى على الصعيد المتوسطي والعربي والإفريقي ، عرضة أجزاء شاسعة منها لرياح
الإهمال ، وضياع ما استوطنها من نساء ورجال ليقتاتوا مما يعثرون عليه في الطبيعة
غالبا الجرداء ، ويسكنون داخل خيم مرقعة
بحبال غلب الزمن صلابتها فغدت هشة تدين من اكتفوا بالتزاحم على العاصمة وكبريات
المدن ، أو ما يُعرف بالجزائر الدولة كذلك ، وهي لا تتوفر على ما يجعلها كبيرة ، إلا
بما توافد عليها من مهاجرين ، طمعاً في سَكنٍ لائقٍ وعمل وحق مشروع في ثروة وطنهم
، فيصطدمون بكونهم غير مسجلين (معظمهم)
حتى في اللوائح المانحة لهم واجب الانتساب في نفس وطنهم . (للمقال صلة)
مصطفى منيغ
سفير
السلام العالمي
مدير
مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في
سيدني
– أستراليا
212770222634
No hay comentarios:
Publicar un comentario